التدريب لأجل التشغيل: من المهارة إلى الفرصة
مؤسسة قنطار
التدريب لأجل التشغيل: من المهارة إلى الفرصة
د. سامر محمد عكور
أستاذ المحاسبة ومدير مؤسسة القنطار للاستشارات والتدريب
في ظل التغيرات المتسارعة في سوق العمل، لم يعد امتلاك الشهادة الأكاديمية وحده كافيًا، بل أصبحت المهارة العملية هي الجواز الحقيقي للعبور نحو التوظيف. ولهذا، لم يعد التدريب رفاهية أو خيارًا ثانويًا، بل أصبح ضرورة حيوية لكل من يسعى للاندماج في سوق العمل أو تطوير مساره المهني.
لكن قيمة التدريب لا تُقاس بعدد الشهادات أو ساعات الجلوس في قاعات المحاضرات، بل بقدر ما يفتح من أبواب للفرص الحقيقية. لذلك، يجب أن يتحول التدريب من كونه نشاطًا نظريًا إلى عملية متكاملة تبدأ بتشخيص احتياجات السوق، وتمر ببناء المهارات ذات الصلة، وتنتهي بربط مباشر مع فرص العمل أو الدعم للمشاريع الريادية.
ولتحقيق ذلك، لا بد من بناء شراكات حقيقية بين مزوّدي خدمات التدريب (مراكز، مؤسسات، جامعات) وأصحاب العمل في القطاعين العام والخاص. فكلما كانت العلاقة أوثق بين الطرفين، زادت فرص نجاح المتدرب في الوصول إلى وظيفة. هذه الشراكات تضمن أن التدريب ليس مجرد "نقل معرفة"، بل "تأهيل مباشر" لمتطلبات العمل.
كما أن توفير فرص تشغيل للمتدربين بعد انتهاء برامجهم لا ينبغي أن يكون أمرًا عشوائيًا أو قائمًا على الاجتهادات الفردية، بل يحتاج إلى سياسات مؤسسية واضحة، تضمن استمرارية الربط بين التدريب وسوق العمل، خاصة في القطاعات الأكثر طلبًا مثل التكنولوجيا، الطاقة، الريادة، والخدمات المهنية.
ولأن هذا المسار يمثل أولوية وطنية، فقد أكد جلالة الملك عبد الله الثاني مرارًا على أهمية مواءمة التعليم والتدريب مع احتياجات سوق العمل، وتعزيز التعليم المهني والتقني كأداة لمكافحة البطالة. كما شدد سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبد الله الثاني على ضرورة تمكين الشباب من خلال تدريب عملي مرتبط بالتوظيف، داعيًا إلى توفير بيئة داعمة للمبادرة والإنتاج.
(إذا أردنا اقتصادًا مستدامًا، فالبداية من هنا: تدريب جاد، وشراكة حقيقية، وفرص عمل عادلة).
